Times of Egypt

أمريكا وفرنسا تسيطران على الزيارات الرئاسية لمصر عبر 80 عاماً

M.Adam
محمد أبو الغار 

محمد أبو الغار..


زار مصر سبعة رؤساء جمهورية أمريكيين – منهم من زارها أكثر من مرة؛فقد زار الرئيس روزفلت مصر.. لمقابلة الملك عبد العزيز آل سعود عام 1945، فى البحيرات المرة أمام الإسماعيلية، ثم قابل الملك فاروق. وكان قد حضر إلى مصر في نوفمبر 1943.. لمقابلة تشرشل ورئيس الصين نشانج كاي شيك. وزار مصر 6 رؤساء جمهورية فرنسيين، وبعضهم زارها أكثر من مرة. وزار مصر مرة واحدة رئيس للاتحاد السوفيتي، ورئيس لروسيا.. بعد تفكك الاتحاد مرتين، وزارها الرئيس الصيني مرة واحدة.

أما بريطانيا – ذات التاريخ الطويل من استعمار لمصر – فزارها تشرشل عدة مرات.. أثناء الحرب العالمية وبعدها، ولكنه لم يلتق بالملك أو برئيس الوزراء المصري، بل كان يلتقي مع قادة جيوش الحلفاء. وزار رئيس الوزراء البريطاني السابق سوناك.. زيارة قصيرة، لمناقشة الموقف في غزة.
زيارات رؤساء الدول الغربية لمصر.. لم تحدث أيام حكم الرئيس عبد الناصر، وكانت الأسباب واضحة.. لسوء العلاقات السياسية بين نظام ناصر والدول الغربية، وكانت الزيارات فقط على مستويات وزير الخارجية أو بعثات دبلوماسية. وفي عصر عبد الناصر كانت هناك زيارات مستمرة وعديدة من قادة الاتحاد السوفيتي؛ بمن فيهم رئيس الوزراء، ولكن زيارة سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي – وهو بمثابة رئيس الجمهورية – لم تحدث إلا مرة واحدة.. عند تحويل نهر النيل في افتتاح السد العالي. وكانت هناك زيارات كثيرة من مسؤولين صينيين كبار، على رأسهم شوين لاي – رئيس الوزراء – لكن الرئيس الصيني حضر لمصر مرة واحدة.. في عهد الرئيس السيسي.
كانت أول زيارة رئيس أمريكي لمصر هي زيارة روزفلت في 14 فبراير 1945، وتمت على ظهر بارجة أمريكية في البحيرات المرة؛ حيث التقى مع الملك عبد العزيز آل سعود.. الذي حضر على سفينة أمريكية من جدة. ودعا روزفلت الملك لزيارة أمريكا، فاعتذر.. وأرسل نجليه فيصل وخالد إلى واشنطن. وبعدها ذهب الملك إلى أوبرج الفيوم، حيث أقام عدة أيام، والتقى تشرشل رئيس وزراء بريطانيا.
وكان ريتشارد نيكسون أول رئيس يحضر إلى مصر.. في زيارة رسمية ضخمة نظمها الرئيس السادات، وكان نيكسون فى أشد الحاجة للزيارة، لأن وضعه فى أمريكا كان غاية فى السوء.. بعد فضيحة «ووتر جيت»، ونظَّم له السادات استقبالات شعبية ضخمة. وعلى الجانب الآخر، نظَم أحمد فؤاد نجم قصيدة «شرفت يا نيكسون بابا.. يا بتاع الووتر جيت.. عملولك قيمة وسيما.. سلاطين الفول والزيت»، التي أنشدها الشيخ إمام، وانتشرت كالنار في الهشيم بين الشعب المصري.
الرئيس الأمريكي التالي كان جيمي كارتر الذي حضر لزيارة مهمة من 7-10 مارس 1979، وزار الإسكندرية والأماكن السياحية، وغادر إلى إسرائيل في 10 مارس، وعاد إلى القاهرة يوم 13 مارس.. لإنهاء الاتفاق على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التي وقعت في واشنطن يوم 26 مارس 1979.
وزار جورج بوش الأب مصر عام 1990.. لعدة ساعات أثناء أزمة الخليج، وزار كلنتون مصر عدة مرات في أعوام 1996 و2000، للمشاركة في مؤتمرات بخصوص السلام في الشرق الأوسط. وزار جورج بوش الابن مصر ثلاث مرات.. كلها لها علاقة بمشاكل الشرق الأوسط.
وحضر أوباما مرة واحدة.. لمدة 9 ساعات فقط، ولكنها كانت زيارة شهيرة.. سبقت «الربيع العربي» في يونيو 2009، وزار جامعة القاهرة،حيث ألقى كلمة شهيرة، ثم زار مسجد السلطان حسن. أما بايدن فقام بزيارة واحدة.. لحضور قمة المناخ الـ 27 عام 2022.
رؤساء فرنسا – على عكس رؤساء وزراء بريطانيا – زاروا مصر كثيراً، وأعتقد أن من أسباب الزيارات.. العلاقات الثقافية الوثيقة بين البلدين، واهتمامهم أيضاً بالعلاقات الاقتصادية. كانت أول زيارة للرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان في يناير 1975، واستقبله الرئيس السادات في احتفال كبير، وفي هذه الفترة بدأ التوتر بين اليسار المصري والسادات، وأطلق أحمد فؤاد نجم قصيدته التي أنشدها ولحنها الشيخ إمام:
فاليري جيسكار ديستان
والست بتاعه كمان
حيجيبوا الديب من ديله
ويشبَّع كل جعان
الرئيس ميتران – أكثر رؤساء فرنسا ثقافة، وإعجاباً بالحضارة المصرية – زار مصر زيارة طويلة في نوفمبر 1982، وألقى كلمة عظيمة في الجامعة، وتوالت زيارات ميتران – العامة والخاصة –لمصر.. بنجاح كبير، وترحيب من الشعب. وجاء الرئيس جاك شيراك إلى مصر في عام 2006 لافتتاح الجامعة الفرنسية، ثم جاء الرئيس ساركوزي في 2007، والرئيس أولاند في عامي 2015 و2016، وهذه الزيارات الثلاثة الأخيرة.. لم يكن لها نفس حرارة الاستقبال.
في الأسبوع الماضي، حضر الرئيس ماكرون فى زيارة رسمية لعدة أيام، قام فيها بجزء سياسي في اجتماع مع الرئيس السيسي، وكانت إحدى النقاط المهمة منع التهجير فى غزة، وهذا كان أيضاً مطلباً شعبياً. وزار خان الخليلي والمتحف الكبير ثم جامعة القاهرة.. حيث ألقى كلمة في القاعة الكبرى.
اختيارات أماكن الزيارة، توضح أن تراث مصر وتاريخها.. هو الذي يعطي ثقل وأهمية لها، وهو ما يرغب الزائر فى مشاهدته، وهذا يجب أن يذكرنا.. بأننا يجب أن نتوقف تماماً عن تدمير أي مبانٍ أو مقابر تاريخية. وحتى المناطق الجميلة – التي تم إنشاؤها في القرن العشرين – يجب أن نحافظ عليها، ويجب أن نعرف أهميتها وأن نقدرها. زار ماكرون العريش بعد ذلك، وشاهد المصريين يرفضون التهجير.
الرئيس الروسي الأول – الذي زار مصر – هو خروشوف، وحضر في مايو 1964، وأرسل الرئيس عبد الناصر حسنين هيكل لاصطحابه إلى القاهرة ومرافقته، وحضر إطلاق تحويل نهر النيل، وبدء إنتاج الكهرباء، وتخزين المياه في بحيرة السد. وحضر الرئيس بوتن في ديسمبر 2017، لتوقيع عقد إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية، وكذلك عقد المنطقة الصناعية الروسية في منطقة قناة السويس، وجاء مرة أخرى.. لحضور صب الخرسانة الأساسية للمحطة، في 22 يناير 2024.
زار مصر عدد كبير من رؤساء وزراء الصين.. خلال الفترة الناصرية، ولكن رئيس الصين حضر مرة واحدة، ففي 21 يناير 2016، وصل إلى مصر – في زيارة رسمية – الرئيس شي جين بنج، وقام بتوقيع اتفاقيات اقتصادية، وأعلن دعمه لمصر.
واضح أن زيارات رؤساء الدول الغربية بالكامل.. لم تحدث خلال الفترة الناصرية، وواضح أنه منذ تولى السادات الرئاسة، أصبحت الزيارات معظمها.. من رؤساء الدول الغربية، واستمر ذلك فى عهد الرئيس مبارك.
في عصر السيسى، كانت زيارة رؤساء الغرب كثيرة، ولكن زار مصر رئيسا روسيا والصين. وبالرغم من أن رؤساء الدول – الذين يزورون مصر – لهم سلطة كبيرة في اتخاذ قرارات تساعد مصر سياسياً واقتصادياً، إلا أنها ليست سلطة مطلقة؛ لأن المجالس النيابية، والسلطة القضائية، والرأي العام.. يقيدون اتخاذ القرارات. ولكن بالتأكيد.. زيارة الرؤساء، وإقناعهم بقضايانا وعدالتها، لها مردود إيجابي.
(قوم يا مصري مصر دايماً بتناديك)
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة