مصباح قطب
بعيدا عن أي تمحك.. فيما يسمى تفكير «خارج الصندوق»، فإنني أدعو إلى إعادة النظر في الوعاء الذي يتم منه اختيار الأمين العام للجامعة العربية.
من المفهوم أن السياسة هي الأصل، خاصة في جامعة لها طموحات.. تغطي جوانب التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والدفاعي، وتضم تحت مظلتها مجالس ومنظمات واتحادات.. تغطي كل جوانب الحياة في العالم العربي، ولهذا جرى الحرص على اختيار سياسي – بخلفية دبلوماسية دائما – ليكون أمينا عاما للجامعة.
أذكر أن الراحل الأستاذ لطفي واكد – أحد ضباط يوليو، ومدير مكتب جمال عبد الناصر في فترة – تحدث مرة في حضور الرئيس مبارك.. عن ضعف أداء الجامعة العربية، فقال مبارك: «سيبوها متصلبة على ما ييجي وقت يسمح بأداء قوي.. الأمريكان مش عايزين جامعة من أصله». أنا أميل إلى وجهة النظر هذه، أي أن جامعة عربية ضعيفة.. أفضل كثيرا من عدم وجودها.
السؤال الدائم هو: ما هو الجانب المؤدي إلى ضعفها ويخرج عن السيطرة؟ وما الجانب الذي يمكننا فيه تقوية الدور وتصليب عود الجامعة؟.
هناك اجتهادات كثيرة بالطبع، وأود أن أشارك فيها.. بأن أطرح مقترحا بعمل نوع من «الكارير شيفت» للجامعة وأمينها؛ عبر تغيير طبيعة الأمين العام، وبالتالي أمور أخرى في هيكلها ومهامها. أقترح تحويل الجامعة من جامعة مباديء.. لما يجب أن نكون عليه عربيا. إلى كيان يستطيع أن يفلت من القيود الخارجية وغيرها.. بأكبر قدر، ويؤسس لتلاحم عربي متين وعصري. مباشرة، أرى أن نختار للجامعة أمينا عاما بخلفية اقتصادية رفيعة، وطنية وعربية ودولية مناسبة، على أن يكون بالطبع.. متمتعا بصفات رجل العمل العام، أي لديه القدر المطلوب من الحنكة السياسية.
إن اختيارا كهذا، سيحل بشكل جيد.. إشكالية كون الجامعة كيانا عابرا للوطنية، في دول عربية، يعز على قادتها كثيرا أن يتنازلوا عن سلطانهم للغير، مهما كان حسن النوايا. سيجد الأمين العام – بالمواصفات المقترحة – أبوابا أوسع بكثير جدا مفتوحة.. من تلك التى كانت أمام السياسي/الدبلوماسي، وستقل مساحة الحساسيات في العمل العربي، وسيمكن – بدرجة من اليسر – للأمين الجديد.. قيادة منظومة تناقش وتقترح وتتابع ،وتعمل على تنفيذ مشاريع مشتركة.. مؤكدة النفع لكل الأطراف العربية في المجمل، ولكل أطرافها المباشرة في الحد الأدنى.
أيضا، فإن تغيير مواصفات الأمين العام، سيقلل من تنازعات نعرفها. لدينا أسماء تنطبق عليها المواصفات التي ذكرتها.
التقارب العربي.. من مدخل الاقتصاد والمعرفة والتكنولوجيا والتصنيع والتجارة والاستثمار والمناخ والثقافة، سيقود إلى عالم عربي مختلف.. في وقت أقصر مما نظن.
طبعا ستظل مؤسسات مثل مجلس وزراء الخارجية العرب.. تعمل، وغيرها. ولن نكون أبدا بحاجة إلى منصب «الشجَّاب».. الذي يدين كذا بأشد العبارات، لأن الجامعة ودول الجامعة.. سيكون تحت أيديها أدوات – من نوع آخر – للتأثير في الشؤون الإقليمية والدولية
نقلا عن «المصري اليوم»