ارتفع الدولار الأميركي بشكل طفيف خلال التعاملات المبكرة، اليوم الاثنين، ليعوض جزءًا من خسائره التي مُني بها خلال الأسبوع الماضي، وذلك وسط حالة من التقلبات العنيفة التي شهدتها الأسواق، مدفوعة بمحاولات إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وتصاعد تداعيات الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.
وسجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية من بينها اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، ارتفاعًا بنسبة 0.1% إلى مستويات قريبة من 99.5 نقطة بحلول الساعة 5:20 صباحًا بتوقيت غرينتش، مواصلًا اقترابه من الحاجز النفسي المهم عند 100 نقطة.
وكان المؤشر قد صعد بأكثر من 1% خلال الأسبوع الماضي، لينهي سلسلة خسائر استمرت أربعة أسابيع متتالية، غير أن الدولار لا يزال يتعرض لضغوط قوية بعدما سجل في أبريل أكبر خسارة شهرية له منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، بانخفاض تجاوز 5%.
وجاء الارتفاع الأخير في ظل أنباء عن دراسة الصين إعفاء بعض السلع الأميركية من الرسوم الجمركية، وهو ما عزز الآمال بخفض حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. إلا أن المشهد يبقى ضبابيًا، مع تضارب التصريحات بين الجانبين، حيث أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن المحادثات مع الصين مستمرة، بينما نفت بكين في وقت سابق إجراء أي مناقشات، وأحجم وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت عن تأكيد وجود مفاوضات فعلية.
في أسواق العملات، تراجع الدولار أمام الين الياباني بنسبة 0.16% إلى مستوى 143.44 ين، في حين صعد أمام الفرنك السويسري بنحو 0.7% مسجلًا 0.8318 فرنك. كما ارتفع أمام اليورو بنسبة 0.12% إلى 1.1327 دولار، وسجل مكاسب طفيفة أمام الجنيه الإسترليني بنسبة 0.1% وصولًا إلى 1.3323 دولار.
ورغم التحركات الإيجابية الأخيرة، لا تزال المخاوف تلقي بظلالها على العملة الأميركية، حيث يحوم الدولار قرب أدنى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات مقابل سلة العملات، وقرب أدنى مستوى له أمام اليورو خلال ثلاث سنوات ونصف، فضلاً عن تراجعه أمام الفرنك السويسري إلى أدنى مستوى له في عشر سنوات.
في سياق متصل، تتجه الأنظار إلى تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة، الذي يُعد مؤشرًا حاسمًا لمسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وفي هذا السياق، كتب جوناس غولترمان، نائب كبير اقتصاديي الأسواق في “كابيتال إيكونوميكس”، في مذكرة بحثية: “نتوقع صدور رقم قوي آخر للوظائف غير الزراعية، ما قد يخالف التوقعات بخفض الفيدرالي لسعر الفائدة في يونيو المقبل”.
وتشير العقود الآجلة حالياً إلى احتمال بنسبة 64% لخفض أسعار الفائدة الأميركية في يونيو، مع توقعات بخفض إجمالي قدره 85 نقطة أساس قبل نهاية العام الجاري. ومع ذلك، يرى خبراء “كابيتال إيكونوميكس” أن نهج إدارة ترامب غير التقليدي، خاصة في ما يتعلق بسياسات الرسوم الجمركية، قد يُلحق ضررًا طويل الأمد بالثقة في الاقتصاد الأميركي، مما قد يؤثر سلبًا في مكانة الدولار كملاذ آمن عالميًا.
من جانبهم، يواصل مسؤولو الفيدرالي الأميركي التريث قبل اتخاذ أي تحرك بشأن السياسة النقدية، مشيرين إلى حاجتهم لجمع المزيد من البيانات لتقييم حجم التأثير الفعلي للرسوم الجمركية على الاقتصاد.