Times of Egypt

الضغط بحنية! 

M.Adam
عبدالقادر شهيب 

عبدالقادر شهيب 

الإعلام الإسرائيلي يتحدث هذه الأيام.. عن تعرُّض نتانياهو وحكومته لضغوط أمريكية، حتى تقبل مقترحاً جديداً للهدنة في غزة، تقدَّم به المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط «ويتكوف»؛ يقضي بالإفراج عن عشرة من المحتجزين الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار لنحو الشهرين.. يتم خلالهما التفاوض حول الوقف الدائم للحرب، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، مع تدفق المساعدات على أهلهِ. 

وعلَّل الإعلام الإسرائيلي تلك الضغوط الأمريكية على إسرائيل، بأن «حماس» قبلت اقتراح ويتكوف، وإن كانت تريد تمديد فترة وقف إطلاق النار لثلاثة أشهر، ويستمر الوقف حتى وإن لم يتم التوصل إلى اتفاق خلالها.. حول الوضع النهائي للقطاع، كما تريد زيادة كمية المساعدات للقطاع لتصل إلى ألف شاحنة يومياً، والحصول على ضمان من الرئيس ترامب شخصياً.. بتنفيذ إسرائيل الاتفاق، لأنه لديها موثوق به على عكس نتنياهو.  

وهنا يطرح السؤال نفسه: أين هي هذه الضغوط الأمريكية التي يتعرَّض لها نتنياهو وحكومته؟! 

هل هذه الضغوط غير مرئية؟! إن ترامب حينما غضب من بوتن، عندما هاجم كييف بشدة مؤخراً.. فخرج لينعته بالجنون، واتهمه بأنه يلعب بالنار، لأنه لم يوافق على مقترحه بوقف لإطلاق النار لمدة شهر. ولم يخرج من فم الرئيس ترامب كلمة واحدة.. بحق وضد نتنياهو، رغم أنه يهاجم أهالي القطاع بقسوة كبيرة الآن، ويتوسع في احتلال أراضي القطاع، ويمارس جريمة الإبادة الجماعية ضدهم، وجريمة التجويع حتى الموت، وينفذ عملياً الآن خطة تهجيرهم قسراً! 

وحتى الآن لم يلوِّح الرئيس الأمريكي – ولو تلميحاً أو بشكل غير مباشر – بوقف مد أمريكا إسرائيل بالسلاح.. الذي تستخدمه الآن في قتل وإبادة أهل غزة، رغم أن العديد من الدول الأوروبية بدأت تهدد بذلك الآن، إزاء اتساع الجرائم الإسرائيلية، واستمرار العدوان الوحشي ضد أهل القطاع. 

وحتى الآن، تحط في إسرائيل كل يومين ثلاث طائرات أمريكية.. محملة بالسلاح والعتاد، الذي يُستخدم في قتل أهل غزة وأيضاً أهل الضفة الغربية. 

كما لم يتوقف الدعم المالي الأمريكي.. الذي ينهال على إسرائيل، و بلغت قيمته عدة مليارات من الدولارات. وأيضاً ما زالت إسرائيل تحظى بالحماية السياسية الدولية، ورأينا كيف بادر الرئيس الأمريكي.. ليقول لضيفه رئيس جنوب أفريقيا إن الدعوى القضائية التي أقامتها بلاده ضد إسرائيل.. أمام محكمة العدل الدولية، ليست مجدية ولن تسفر عن شيء! 

كل ذلك يؤكد أن الضغوط الأمريكية على نتنياهو وحكومته.. وهمية وغير حقيقية أو غير جادة، أو هي ضغوط بحنية، كما يتندَّر المصريون ويسخرون.. من الادعاء بممارسة ضغوط، دون القيام بذلك فعلاً. 

إن الولايات المتحدة قادرة بالفعل.. على ممارسة الضغوط على إسرائيل، وهي قادرة على أن تُلزم نتانياهو بوقف الحرب الوحشية ضد أهل غزة فوراً.. إذا لوَّحت فقط بوقف أو تجميد المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل. 

ولكنها لا تفعل، وهذا ليس له سوى معنى واحد فقط، وهو أنها ليست راغبة في وقف الحرب فوراً، أو ليست راغبة بما يكفي لتجبر إسرائيل على وقفها. ويمكن أنها ترى أن لا بأس من مدها بعض الوقت، وربما يدفع ذلك الفلسطينيين إلى الهجرة من غزة؛ فقد تبين من خلال تصريحات الرئيس ترامب خلال جولته الخليجية، أنه لم يتخلَّ تماماً عن مشروعه المعماري السياحي لغزة، وأنه ما زال يراوده حلم الاستيلاء على أراضي غزة وتحويلها إلى ريفيرا الشرق.. التي تجلب لأمريكا أموالاً وأرباحاً ضخمة هائلة، وبشكل دائم ومستمر! 

إذن.. الضغوط الأمريكية التي يتحدث عنها الإعلام الإسرائيلي، ويقول إن حكومة نتنياهو تتعرَّض لها ليست حقيقيةً. ولو كانت الإدارة الأمريكية تضغط حقاً على إسرائيل، لكان نتنياهو التزم باتفاق الهدنة السابق كاملاً.. ونفذ كل التزاماته؛ وهي الوقف المستدام لإطلاق النار،/ وانسحاب قوات الاحتلال من كل أراضي القطاع، ولمَا كان أيضاً عاد لاستئناف الحرب بقسوة مجدداً، أو تمادى في احتلال المزيد من أراضي القطاع بقواته البرية، كما يحدث الآن بشكل صارخ وفاجر.. دون أن يوجه له مسؤول أمريكي واحد.. كلمة لوم واحدة، أو عتاب رقيق. 

نقلاً عن «أخبار اليوم« 

شارك هذه المقالة