Times of Egypt

ترامب ووعده

M.Adam
عبدالقادر شهيب 

عبد القادر شهيب


بينما كان البعض ينتظر.. أن تكون مفاجأة ترامب – التي وعد بها بمناسبة زيارته الخليجية –
ستكون فلسطينية، جاءت هذه المفاجأة سورية.. عندما قرر أن يستجيب لطلب ولي العهد
السعودي الأمير محمد بن سلمان؛ برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، بعد أن التقى بالرئيس
السوري أحمد الشرع.
أما بخصوص الفلسطينيين، فإنه لم يتحدث عن حل الدولتين، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم
المستقلة. وإنما اكتفى بتعهُّد له بأن تستمر أمريكا.. في جهودها لوقف الحرب في غزة، التي
وصفها بـ «الوحشية».. قبل أن تبدأ زيارته الخليجية، وهو ما يُعد تغييراً ملموساً في الموقف
الأمريكي، بنى عليه البعض توقعاتهم المتفائلة.. بخصوص زيارة ترامب للخليج، التي شملت
السعودية وقطر والإمارات، بالإضافة إلى الأنباء – التي ترددت مؤخراً – حول خصام ترامب مع
نتنياهو، أو على الأقل ضيقه منه، وإجراء أمريكا محادثات مع إيران.. حول برنامجها النووي،
والتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين في اليمن.. لا يشمل إسرائيل.
غير أن هذا التغير في الموقف الأمريكي تجاه الفلسطينيين، لا يرقى إلى مستوى الإقرار بحقهم..
في التحرر من الاحتلال البغيض، وإقامة دولتهم المستقلة بعد. إنما التغير يتركز الآن على وقف
الحرب ضد أهل غزة – التي تقترب من العامين الآن – بعد أن تحولت إلى حرب إبادة جماعية،
استُخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، والتجويع، والحرمان من الغذاء والعلاج.
… هذا ما يمكن رصده.. في الجديد الذي يحمله مبعوث ترامب للمنطقة «ستيف ويتكوف» هذه
المرة؛ فهو لا يحمل معه اتفاقاً لهدنة مؤقتة.. كما فعل في المرات السابقة، وإنما يحمل معه
اقتراحاً بصفقة، تُفضي إلى وقف الحرب بشكل دائم، مع الإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين
في غزة. وتشمل أيضاً ابتعاد «حماس» عن حكم غزة، وتخليها تدريجياً عن سلاحها. كما تقضي
هذه الخطة الجديدة – التي أبلغ بها نتنياهو – بهدنة طويلة نسبياً.. في مرحلتها الأولى؛ تمتد من
سبعين إلى تسعين يوماً، تتخللها مفاوضات للوقف الدائم للحرب، وتقديم أمريكا ضمانات
لحماس.. بأن تلتزم حكومة نتنياهو بالانخراط في مفاوضات الوقف الدائم للحرب.

وإذا كان نتنياهو استجاب للضغوط الأمريكية، وأرسل للدوحة وفداً للتفاوض.. حول مقترح
ويتكوف الجديد، الذي يحاول استثمار زخم الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان
ألكسندر.. بلا مقابل من جانب حماس، إلا أن نتنياهو استبق محادثات الهدنة.. بالإعلان عن عزمه
توسيع العملية العسكرية في غزة، لاحتلال مزيد من الأرض في القطاع. بل إنه هدد – بوضوح –
أنه إذا تم التوصل إلى هدنة.. للإفراج عن عشرة محتجزين جدد، فإن قوات الاحتلال سوف
تستأنف بعدها عملياتها العسكرية في القطاع، حتى يتحقق القضاء – كما قال – على «حماس».
وهكذا، فإن أمريكا وإدارتها في اختبار الآن.. أمام الفلسطينيين والعرب. فلا يكفي أن تطالب
بإنهاء الحرب – التي وصفها ترامب أخيراً بالبشعة – وإنما يتعين أن نرى ضغوطاً أمريكية
واضحة وملموسة على حكومة نتنياهو.. لوقف هذه الحرب. وأيضاً لا يكفي أن يخاصم ترامب
نتنياهو، ولا يرد على اتصالاته التليفونية، وإنما الأمر يحتاج لإجباره على الذهاب إلى هدنة..
تُفضي إلى وقف الحرب في نهاية المطاف، لا إلى هدنة.. يتم خرقها، وعدم الالتزام بتنفيذ كل
مراحلها.. بعد تسليم بعض – أو كل – المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
إذا كانت أمريكا – كما تعهَّد ترامب – تريد إنهاء تلك الحرب البشعة، فإنها يجب أن تُمارس
ضغوطاً فاعلة ومؤثرة وواضحة.. على حكومة الاحتلال، لكي يتحقق ذلك. فإذا كان ترامب هدد
روسيا بعقوبات اقتصادية جديدة.. إذا لم تمضِ في طريق إنهاء حرب أوكرانيا، فعليه – بالتالي –
أن يفعل ذلك مع نتنياهو، الذي يصر على استمرار الحرب لتنفيذ مخططه – ومخطط حكومته –
لتهجير الفلسطينيين من غزة ثم الضفة، وإقامة إسرائيل الكبرى.. التي يحلم بها الصهاينة، ويسعى
المتطرفون اليهود لتحقيقها.
لقد وعد ترامب الناخبين العرب في أمريكا – في حملته الانتخابية – بإنهاء الحرب على أهل غزة،
وفي السعودية جدَّد هذا الوعد مرة أخرى.. بعد أن كان يتوعَّد القطاع بالجحيم، فلابد أن يترجم
تعهده هذا.. إلى أفعال، تجبر نتنياهو وحكومته على إنهاء هذه الحرب، خاصة أنه ظفر بما يرجوه
من زيارته الخليجية.. حتى قبل أن تبدأ.
نقلاً عن «الأخبار«

شارك هذه المقالة