كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في تقرير نشرته اليوم الأحد، عن قيام الجيش الإسرائيلي باستدعاء جنود مصابين بصدمات نفسية للخدمة في قوات الاحتياط، لتعويض النقص الحاد في أعداد المقاتلين، وهو ما أدى إلى زيادة مقلقة في حالات الانتحار بين الجنود.
جنود “مصابون نفسياً” في صفوف الجيش
وبحسب التقرير، فإن مئات الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية، بعضهم مصنفون كمعاقين بشكل دائم، يواصلون الخدمة في وحدات الجيش، بسبب السياسات التي تتجاهل حالتهم الصحية لتغطية النقص البشري، في ظل الحرب المستمرة على غزة منذ أكتوبر 2023.
ونقل التقرير عن مصادر في الجيش، أن إجراء فحوصات نفسية شاملة قد يؤدي إلى اكتشاف حجم الأزمة الحقيقية، لكنه قد يضع الجيش أمام عجز خطير في عدد الجنود القادرين على القتال.
صمت رسمي وغموض في التبرير
عند سؤاله عن أسباب انتحار الجنود، يرد الجيش الإسرائيلي بغموض، واصفاً الحالات بأنها “معقدة”، نافياً وجود مؤشرات مسبقة.
لكن البروفيسور إيال فروختر، رئيس المجلس الوطني للصدمات النفسية في إسرائيل، حذر من خطورة إعادة المصابين نفسيًا إلى ساحة القتال، واصفاً ذلك بـ”القرار الخاطئ” الذي تتجاهله المؤسسة العسكرية تحت ضغط الحاجة إلى الجنود.
أزمة تنسيق بين الجيش ووزارة الأمن
وفق مصدر في وزارة الأمن القومي، فإن هناك فشلاً بيروقراطياً وتنسيقاً غائباً بين الوزارة والجيش، إذ لا يملك الجيش معلومات دقيقة عن الجنود الذين يتلقون علاجًا نفسيًا داخل قسم التأهيل.
وأشار المصدر إلى أن وزارة الأمن قررت في بداية الحرب تسجيل المصابين كـ”جرحى مؤقتين” لتسريع الإجراءات، على أن يخضعوا لاحقاً للجنة طبية يمكن أن تعترف بهم كـ”معاقين دائمين”.
أرقام مقلقة: عشرات الآلاف من المصابين النفسيين
ووفق بيانات وزارة الأمن، يخضع أكثر من 78 ألف جريح للعلاج في قسم التأهيل، من بينهم 26 ألف مصاب نفسي، نحو 17 ألفاً منهم جرحى حرب غزة، وقرابة 9000 يعانون من صدمات نفسية حادة.
وحذر البروفيسور يوسي ليفي بليز، رئيس مركز أبحاث الانتحار، من أن العودة للقتال قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية مزمنة وتزيد بشكل كبير من خطر الانتحار، خاصة مع سهولة الوصول إلى السلاح، والصدمات الأخلاقية التي يتعرض لها الجنود، خصوصاً في غزة.
الانتحار في الجيش.. تصاعد لافت بعد حرب غزة
تشير أرقام “هآرتس” إلى انتحار ما لا يقل عن 35 جندياً منذ بدء الحرب في غزة، بينهم 28 حالة انتحار حتى نهاية عام 2024، مقارنة بمتوسط سنوي يبلغ 12 حالة فقط في العقد الأخير.
وفي عام 2023 وحده، انتحر 17 جندياً، بينهم سبعة منذ 7 أكتوبر. أما في عام 2024 فقد ارتفع العدد إلى 21 حالة. ومنذ بداية 2025، سُجلت 7 حالات انتحار أخرى على الأقل.