عبدالقادر شهيب
أقل من 90 يورو – أو ما يساوي نحو مائة دولار، أي نحو خمسة آلاف جنيه مصري – هي كل الثروة التي تركها البابا فرنسيس بعد وفاته!
المثير، أنه كان في إمكانه أن يتحصَّل على ثروة كبيرة.. على الأقل، من راتبه البالغ 340 ألف يورو سنوياً، لو تقاضاه منذ تولى منصبه الباباوي الرفيع؛ الذى يقود دينياً نحو مليار ونصف مليار كاثوليكي في العالم، لكنه رفض – منذ عام 2013 – أن يتقاضى راتباً، مثلما رفض أن يعيش في أحد المساكن الفاخرة للفاتيكان، وآثر العيش في شقة بسيطة متواضعة جداً.
لقد كان البابا الراحل.. مناصراً للفقراء والبسطاء في العالم كله؛ بمن فيهم الذين يعتنقون مذاهب أخرى في الدين المسيحي، ومن يعتنقون أدياناً أخرى غير المسيحية.. ولم يفعل مثل البعض.. الذي نصب نفسه مدافعاً عن الفقراء، وعاش حياة الأثرياء.
ولكن بابا الفقراء والمهمشين، عاش حياة الفقراء.. حتى أنه كان بسيطاً في ملابسه التي يرتديها، والطعام الذي يتناوله، وكان يتناول الطعام مع عمال وموظفي الفاتيكان، وكان يرتدي حذاءه القديم، ورفض استبداله بحذاء فاخر ملوَّن.. كما فعل أسلافه، ويستخدم سيارة صغيرة قديمة.. في تنقلاته!
وهكذا.. طبَّق البابا فرنسيس على نفسه، ما كان يدعو إليه من مناصرة الفقراء والمهمشين والبسطاء في العالم.. لم يحيا الانفصام الحادث لدى البعض، الذي يدافع قولاً عن الفقراء، ويعيش عملياً.. حياة الأثرياء. كان صادقاً مع نفسه، قبل أن يكون صادقاً مع الناس.
ولا يمكن أن نجد تفسيراً لذلك، في أنه ابن.. من أبناء البسطاء، الذين عاش طفولته وشبابه معهم في الأرجنتين – التي ينتمي إليها – لأن هناك فقراء كثيرون.. خانوا طبقتهم، وانفصلوا عنها، وعاشوا حياة الأغنياء واستمتعوا برفاهيتها، ولم يعيشوا حياة الفقراء الخشنة والصعبة.. إنما التفسير نجده في الصدق مع النفس، الذي اتسم به هذا الراحل العظيم.
نقلاً عن «فيتو»