Times of Egypt

صحافة جديدة وانتخابات قديمة!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام..
خلال الحملات الدعائية لانتخابات نقابة الصحفيين.. التي طالت كثيراً، وعقب إجراء الانتخابات، وطوفان التحليلات والقراءات للنتائج، غاب تقريباً سؤال المستقبل. برز الماضي والحاضر كثيراً.
نالت ثنائية: «الخدمات والحريات» الاهتمام الأكبر. لا يمكن إنكار أنه بدون حريات.. لا صحافة، وبدون تمتُّع الصحفي بحياة كريمة لائقة، تُمكِّنه من أداء دوره ووظيفته.. لن تكون لدينا الصحافة المهنية الموضوعية، التي نطمح إليها.
بدت برامج المرشحين وأفكارهم – في معظمها – وكأنها قادمة للتو من انتخابات تسعينيات القرن الماضي. سباق على تقديم الخدمات والمزايا الاقتصادية، أو التحذير مما آلت إليه صحافتنا.. من تراجُع في هامش الحريات، وتحوُّل بعضها إلى نشرات دعائية.
ولأن التقسيمات تحكمنا، فإن مسألة «حريات؟ أم خدمات؟» انبثقت من ثنائية أكبر، وهي «أنصار اليسار؟ أم مؤيدو الحكومة؟».. بالطبع هناك ظلال من الحقيقة في تلك الثنائيات، لكن اختزال القضية برمتها.. فيه خطأ كبير، في اعتقادي. وللأمانة، فإن الانتخابات الأخيرة لم تخترع الثنائيات، بل هي قديمة ومتأصلة في الجماعة الصحفية. خلال المؤتمر العام السادس للصحفيين، الذي انعقد في الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر الماضي،
انقسم المؤتمر إلى 3 لجان: اقتصاديات الصحافة، والحريات والتشريعات الصحفية، ومستقبل الصحافة. وقد تشرفت باختياري مقرراً للجنة مستقبل الصحافة. لاحظت أن اهتمام غالبية الصحفيين – من حيث المشاركات والمساهمات – تركَّز على النواحي الاقتصادية.. الخاصة بتحسين الوضع المادي، وأمور الحريات التي كانت – ولا تزال – مثار شكوى دائمة. بدا المستقبل لا أب له. الاهتمام به فردي، والاستعداد له أيضًا.
لكن الواقع يقول: إن هذا المستقبل له أبناء أُصلاء.. هم النسبة الغالبة من الجمعية العمومية؛ أي الشباب الذين تعنيهم الصحافة الجديدة، والتقنيات والفنون الصحفية.. أكثر مما تعني شيوخ المهنة، الذين توقف الكثير منهم عند الصحافة الورقية، ولا يريد أن يبارحها. بعضهم يتحدث عنها.. وكأنها المستقبل، في حين أن ما لديه من أفكار وأدوات تنتمي للماضي، ولا علاقة لها بالحاضر، فضلًا عن المستقبل.
شباب المهنة.. المتعطشون لصحافة مغايرة، حسموا النتيجة. اختاروا المستقبل، ولم يكن الأمر تصويتاً عقابياً أو انتقامياً، بقدر ما كان انحيازاً لمصلحتهم؛ باعتبارهم أغلبية ركاب سفينة الصحافة الآن.. ومستقبلاً.
إحدى أهم رسائل انتخابات الجمعة قبل الماضي.. ضرورة إتاحة الفرصة كاملة لشباب المهنة، بما يملكونه من أدوات وخبرات متنوعة، وتواصُل مع العالم. دور الكبار.. استشاري، وليس تنفيذياً. علينا كصحفيين.. أن نضرب المثل، بأن تكون قياداتنا – ليس فقط في النقابة، بل في الصحف أيضاً – من الشباب.
في السنوات الماضية، كان صوت المؤسسات الصحفية الأعلى. الآن استعادت النقابة دورها.. لأسباب كثيرة؛ أهمها أنها استطاعت تجديد وتطوير نفسها.. من خلال انتخابات شفافة تختار الأفضل، في وقت تواجه فيه المؤسسات الصحفية.. أزمات متلاحقة مادية ومهنية.
نقابة الصحفيين أمامها فرصة ذهبية.. للانطلاق بالصحافة إلى المستقبل الذي نريده؛ من خلال المساهمة بجدية وجرأة ..في تطوير المهنة داخل المؤسسات، ودفعها إلى اختيار القيادات الأكثر كفاءة ومهنية.
الانشغال بالمشاكل الآنية، والخلافات الشخصية والأيديولوجية.. أمر طبيعي، لكن من الضروري ألا تفقد النقابة بوصلتها.. إلى المستقبل.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة