أمينة خيري
لست متأكدة.. إن كانت خيالات وأضغاث أحلام.
… هل فكرة أن السابع من أكتوبر «أيقظ القضية»، و«رجَّ ضمير العالم»، و«حرَّك مشاعر الكوكب»، و«أرسل إنذاراً للكوكب.. بأن القضية الفلسطينية ما زالت تبحث عن حل».. ما زالت تجتاح المؤمنين بها، أم أن الصورة أصبحت أكثر وضوحاً، والحقيقة باتت تنافس عين الشمس.. في الانكشاف والانجلاء؟
لمن مازالوا يؤمنون بأن العملية، كان من شأنها أن «تصحصح القضية».. قلبي معكم، وأتمنى لكم الصحة والسلامة.
ولمن أفاقوا، أدعوهم إلى إعادة قراءة ما جرى؛ لا بالقلب، ولكن بالعقل والورقة والقلم. هكذا تدار شؤون العالم؛ عقل وورقة وقلم – أو فلنقل عقل وشاشات وأدوات – تحسب المكاسب والخسائر، والمصالح والتوازنات، وتخرج النتائج.. بعضها فج صريح، والبعض الآخر مُزيَّن مُجمَّل مُنمَّق مُنسَّق، لكن طبقاته الأساسية فجَّة صريحة.
اللافت.. أن منصات إعلامية غربية – لا سيما تلك الصادرة بالعربية – ظلت هي الأخرى تعزف مقطوعة استحالة تهجير أهل غزة.. لا طوعاً ولا قسراً، وبغضِّ النظر عن ضغوط القصف والقتل والتجويع. ساهمت هذه المنصات – ومعها محتوى جارف على السوشيال ميديا يصنعه مؤثرون محترفون – في تصوير فكرة التهجير؛ وكأنها المستحيل الرابع.. بعد الغول والعنقاء والخل الوفي.
إسرائيل تمضي قُدماً في خطط التهجير. لم تفلح الخطة (أ).. الخطة (ب) جاهزة، وهلم جراً.
قبل نحو شهرين، أقر مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي.. مقترحاً لـ«تسهيل هجرة الفلسطينيين من غزة». كانت فكرة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بهدف «تنظيم النقل «الطوعي» لسكان غزة.. الراغبين في الانتقال إلى دولة ثالثة».
الخطوة أغضبت جهات عدة في العالم. أنظمة رفضت، وحكومات ندَّدت، وجموع غفيرة من البشر تظاهرت. تقلَّصت أخبار الوكالة في العلن، لكن ما يجرى على الأرض غير معلوم.
بعدها بأسابيع، ظهرت مقترحات الرئيس ترامب.. عن «ريفييرا غزة» تارة، و«منطقة حرية» تارة أخرى.
ويتم تداول مقترحات من المعارضة الإسرائيلية.. كذلك، تدور حول نقل إدارة القطاع لمصر! ثم تدور في الأجواء مقترحات بإدارة عربية مرة، وإدارة دولية مرة. في تلك الأثناء، يجري تحريك أهل غزة من هنا لهناك، ومن هناك لهنا.
تطوَّق رفح الفلسطينية بالكامل، يُمنع دخول المساعدات حيناً، يُسمح بكم محدود حيناً آخر.
ثم تأتي «عربات جدعون» لتكون بمثابة تمزيق.. لما تبقى من أوصال غزة. «عربات جدعون» تدمر ما تبقى، هجمات مكثفة، سيطرة على مناطق استراتيجية، القضاء على ما يمكن القضاء عليه، وربما ينتهي الأمر بـ«طرد» أهل غزة.
نتمنى ألا يحدث ذلك، ولكن نعود إلى ثالوث أدوات القراءة السياسية: العقل والورقة والقلم.
ما يجري في غزة ولغزة، وما سينجم عنه من آثار على الدول المحيطة بها؛ وعلى رأسها – وربما وحدها – مصر، لم يكن في حسبان عملية السابع من أكتوبر، أو ربما كانت في الحسبان، ولكن تم ترجيح كفات أخرى.. غير مصير أهل غزة، وكلفة رد الفعل، والفرصة التي تم تقديمها لإسرائيل.. على طبق من فضة.
نقلاً عن «المصري اليوم»