د. أسامة الغزالي حرب
مشاهد مذهلة.. تلك التي شهدناها في الأيام الثلاثة الماضية، وغطت كل الأنباء.. في الإعلام الدولي؛ إنها مشاهد الحرائق الهائلة، التي شبت فى ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية (أكثر الولايات الأمريكية سكانًا)، وتحديداً في أكبر مقاطعاتها: «لوس أنجليس»! ومن بينها مدينة هوليوود.. باستوديوهاتها السينمائية العملاقة، ومدينة بيفرلي هيلز.. الشهيرة والغنية.
لقد شهدنا نجوماً عظاماً مخضرمين؛ مثل أنتوني هوبكنز ( 87 سنة)، وجيف بريدجز (75 سنة)، وميل جيبسون (69 سنة).. وغيرهم كثيرون، وهم يتحسرون على بيوتهم – أو قصورهم الفارهة – التي بنوها بشقاء عمرهم.. وقد التهمتها ألسنة النيران المجنونة!
هل رأيتم صورة المدينة الفاخرة الغنية بعد الحريق..؟
إن المدهش.. والمذهل، أنها تكاد أن تكون صورة طبق الأصل.. من صورة غزة؛ بعد حرب الإبادة الإسرائيلية الوحشية عليها! فما يجمع بين المشهدين – البعيدين كثيراً عن بعضهما – هو الدمار الشامل الكامل.. لبيوت بناها أصحابها، فآوتهم وأقاموا بها، وتعودوا عليها، وأحبوا ذكرياتهم فيها.. ثم فقدوها ليبحثوا عن ملجأ لهم.. كما قالت صحف هناك!
ولكن شتان بين سبب النزوح.. في الحالتين؛ فهو الطبيعة الحارة القاسية في كاليفورنيا.. التي داهمت أهلها فجأة، على حين غرة، فأحرقت مساكنهم، ودمرت ممتلكاتهم. بينما هو العدوانية والعنصرية البغيضة.. في غزة، في فلسطين، التي ارتكبت – بسوء نية، وعن تعمُّد وقصد – جريمة الإبادة الجماعية! فأُُجبِر الفلسطينيون على النزوح.. داخل وطنهم، للمعيشة في مخيمات، تفتقد أدنى مقومات الحياة الآدمية الكريمة؛ بما في ذلك أخطار المجاعة، وموت الرضَّع والأطفال الصغار.. جوعاً وبرداً!
إنها – في الحقيقة – لحظة يحق فيها.. تذكير العالم بـ «لاجئين» أوجدهم – في كاليفورنيا ولوس أنجلوس – دمار وحرائق قصور فارهة وعواصف ورياح حارة، ولكن أوجدهم في غزة وفلسطين.. عدوان فاجر؛ بطائرات حديثة، ألقت قنابلها الثقيلة؛ فأحرقت مستشفيات ومنازل ومدارس، فيها أطفال ونساء!.
نقلاً عن «الأهرام»