Times of Egypt

معاوية وترامب والصفقة الإيرانية!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

»لا أسحب سيفي حيث يكفي سوطي، ولا سوطي حيث يكفي لساني. لو كانت هناك شعرة واحدة تربطني بإخواني، ما انكسرت». هذه المقولة – المنسوبة لمعاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية – استشهد بها توم باراك.. سفير أمريكا في تركيا ومبعوثها لدى سوريا، داعياً إلى وقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، قائلاً: «حتى في أوقات التوتر، هناك دائماً لحظة للحوار.. لنسج السلام». لكن في ظل تناقض التصريحات والأفعال الأمريكية، هل يمكن نسج السلام حقاً؟ أم أن الأمور ستأخذ منحى آخر بإرشادات وربما مشاركة أمريكية؟

أمس، طلب ترامب من القيادة الإيرانية إخلاء طهران.. وهو الطلب الإسرائيلي نفسه، لكن كان لديه – في الوقت نفسه – عرض لوقف القتال؛ كما ذكر الرئيس الفرنسي. ترامب هنا طرف في الحرب ووسيط أيضاً. مسألة الوسيط النزيه – الذي يقف على مسافة واحدة من الطرفين أو يحاول ذلك – ليست في أجندته. هو يعتقد أنه يستطيع فرض السلام من خلال القوة، ودائماً ما يكون السلام «الترامبي».. لصالح طرف ضد آخر. حاول ذلك في أوكرانيا. أكَّد تصميمه على إنهاء الحرب. ضغط على أوكرانيا.. للاعتراف بما استولت عليه روسيا من أراضٍ. لم ينجح مسعاه حتى الآن. هو الآن مصمم على النجاح مع إيران، حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة الأمريكية.

إنه يريد – بالفعل – السلام.. الذي تنتهي فيه طموحات إيران تماماً، ليس فقط في امتلاك الأسلحة النووية، بل أيضاً في وقف التخصيب. 

وقد شجَّع إسرائيل على مهاجمة إيران.. لإعطاب برنامجها النووي، وإجبارها على التخلي عن شروطها.. في المفاوضات الأمريكية معها. كان يعتقد أن إسرائيل قادرة على تنفيذ دورها بسلاسة، ودون خسائر كبيرة، ولذلك وصف الضربات الإسرائيلية فجر الجمعة الماضي بأنها ممتازة، معتقداً أن إيران فقدت القدرة على الرد. إلا أن الليالي التالية – التي استباحت فيه إيران سماء إسرائيل وبثت الرعب في قلوب مواطنيها وأصابت منشآت حيوية.. لم يكشف عنها الإعلام الإسرائيلي بسبب الرقابة الصارمة – عقدت الموقف.

 هنا بدأ ترامب يتحدث عن فرص الاتفاق والسلام، وتكرار نموذج الهند وباكستان.. عندما أقنعهما بوقف إطلاق النار في 10 مايو الماضي.

بغضَّ النظر عن تصريحات ترامب ومستشاريه، فإنه في حالة إيران، لن تسمح لها الإدارة الأمريكية بتحسين وضعها.. من خلال الاستمرار في كشف «عورات» إسرائيل الأمنية والعسكرية. هنا خط أحمر أمريكي.. لذلك، فإن الحديث عن التفاوض والاتفاق ربما كان مؤجلاً – على الأقل – خلال اللحظات الراهنة.

 التوجه، في اعتقادي، هو التصعيد من جانب إسرائيل.. وبدعم أمريكي. ترامب – بطلبه إخلاء طهران، المدينة المليونية – يعطي إسرائيل مساحة من الوقت.. قد تكون أياماً، لكي تقوم بأعمال ربما لم تكن تفكر فيها، ولم تكن واشنطن ستسمح بها. وفي هذا الإطار، ليس مستبعداً أن تقدم على عمليات «مجنونة».. كمحاولة اغتيال رموز سياسية إيرانية كبرى، بينها المرشد علي خامنئي نفسه.

 الاستشهاد ببراجماتية معاوية، ليس سوى استهلاك للوقت، إلى أن تنتهي إسرائيل من مهمتها.. المتمثلة في إجبار إيران على الدخول في مفاوضات؛ ليس للمساومة، بل للتوقيع على الاتفاق المعد سلفاً.

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة