Times of Egypt

من أين نبدأ؟

M.Adam
أمينة خيري  


أمينة خيري


حين تتعالى الأصوات.. مطالبةً بالمزيد من تدخل المؤسسات الدينية ورجال الدين – مع كامل الاحترام لهم؛ فيما يقومون به من أدوار تتعلق بعملهم، لا بعمل الآخرين – وذلك ضمن ردود الفعل على شهاب صبي التوك توك، وطالبة الجبر «الخـ…»، و«اللجنة الشادة»، فإن هذا يعني أن دراكولا متعطش للمزيد من الدماء.

بمعنى آخر، الإصرار على الزج برجال الدين.. في كل كبيرة وصغيرة؛ تتعلق بالإنجاب والتربية والتنشئة، والتعليم المدني، والعمل، والعقاب والمحاسبة وغيرها، فإن هذا يعني أن حلم فك الاشتباك – بين ما هو مدني خاضع للقوانين، وما هو ديني يقوم به رجال الدين – يتباعد ويتقلص.


حال شهاب وفتاة الجبر – وغيرهما من ملايين الأطفال والمراهقين والشباب – لن ينصلح فقط.. عبر رجال الدين، واختزال الحل في خطب الجمعة والندوات الدينية؛ يعني أننا قد سلمنا بأننا لسنا دولة قانون ومؤسسات. ولا أعني بالقانون هنا.. القوانين العقابية، كتلك التي تعاقب السير العكسي، أو تعدِّي السرعات، أو السماح لطفل بقيادة مركبة.. فقط. ولكن أقصد كذلك القوانين والقواعد، التي تعاقب المعلم الذي لا يقوم بمهمته التعليمية والتربوية في الفصل – لا في السنتر – والمسؤول التعليمي الذي سمح بتسرُّب كل من المعلم والطالب.. من المدرسة إلى السنتر، والمنظومة التي سمحت بتشغيل معلم غير مؤهل.. للقيام بدور تربوي، والمنظومة التي لم تتحرك فعلياً.. لمنع التسرب من المدارس.

وهل شهاب ذهب إلى مدرسة من قبل؟ وإن كان قد ذهب، أية مدرسة هذه.. التي تفخر بأن يتحدث ويتصرف طلابها بهذا الشكل؟ ولنا في فتاة الجبر عبرة؛ الطريقة التي تتحدث بها، هل هذه طريقة صبية تلقت تنشئة وتربية جيدة؟ وهل ما يحتاجه شهاب وفتاة الجبر.. المزيد من تدخل رجال الدين، أم المزيد من تفعيل القوانين على الجميع؛ مسؤولين ومواطنين. على المسؤولين الذين يقصرون في أداء واجباتهم، أو يؤدونها عبر طريقة «التستيف»؛ حيث كله تمام على الورق، وكله يضرب يقلب على أرض الواقع. وعلى المواطنين – وذلك بالتوازي مع التوعية المستمرة – ولنبدأ بالتوعية عن اختراع اسمه القانون، واختراع آخر اسمه المتابعة والتقويم، واختراع ثالث اسمه الثواب والعقاب.


مرة أخرى، المسألة هي: ماذا نحن فاعلون بالملايين من الفتى والفتاة.. الذين نشأوا في بيئة أنتجت هذين النموذجين؟
فتاة الجبر المسكينة.. ضحية الإهمال وازدواج المعايير، والاكتفاء بقشرة المظهر الديني.. ستنجح وتتخرج، وتصبح معلمةً أو ممرضةً أو طبيبةً أو موظفةً، وستتعامل – مع طلابها أو مرضاها أو طالبي الخدمة – بنفس الطريقة التي تحدثت بها على باب اللجنة، فهي لم تعرف طريقة غيرها، وستطبق قواعدها الأخلاقية.. من حيث الغش، والكلمات الخارجة – التي استخدمتها – لأنها تعتقد أنها عادية.


كذلك الحال بالنسبة إلى شهاب؛ سيتزوج ويصبح أباً، ويربي صغاره.. على أن يرفعوا الراية من بعده.
من أين نبدأ؟
نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة