أعلن المجلس الأعلى للآثار عن انطلاق مشروع طموح يستهدف ترجمة ونشر ورقمنة الإصدارات العلمية النادرة والتاريخية، وفي مقدمتها “كراسات لجنة حفظ الآثار العربية”، التي تُعد من أهم الوثائق المتخصصة في توثيق وصيانة الآثار الإسلامية والقبطية في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وأوضح بيان صادر عن الوزارة أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود الدولة لتعزيز البحث العلمي، وحماية المصادر التراثية، وتيسير الوصول إليها إلكترونيًا، لا سيما للباحثين والمهتمين بالآثار المصرية من الناطقين باللغة العربية.
وأكد السيد شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، أن هذا المشروع يمثل أحد المحاور الأساسية لاستراتيجية الوزارة للتحول الرقمي، مشيرًا إلى أنه يسهم في تسهيل البحث الأكاديمي والوصول إلى المعلومات العلمية، فضلاً عن حماية المخطوطات والوثائق التاريخية من التدهور أو الفقد.
من جانبه، أشار الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إلى أن المشروع يهدف إلى توسيع قاعدة المستفيدين من الإصدارات العلمية النادرة للمجلس، عبر تحويلها إلى صيغ إلكترونية قابلة للبحث والاسترجاع، بما يختصر الوقت والجهد، ويضمن حفظ هذه المواد القيمة وإتاحتها للجمهور العلمي والأكاديمي.
وأضاف خالد أن المشروع يعكس التزام المجلس بالحفاظ على الهوية الثقافية والمعمارية لمصر، كما يُعد خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة البيئية عبر تقليل الاعتماد على الطباعة الورقية.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور هشام الليثي، رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار بالمجلس الأعلى للآثار، أن المشروع يشمل ترجمة “كراسات لجنة حفظ الآثار العربية” إلى اللغة العربية، لتوفير محتواها العلمي الغني للباحثين الناطقين بالعربية، مما يسهم في دعم الدراسات الأكاديمية وتعميق الفهم بالمجالات الأثرية المتخصصة.
وكشف الليثي أنه يجري حاليًا إعداد النسخة العربية من العدد الثلاثين من هذه الكراسات، بالتعاون بين الإدارة العامة للنشر العلمي ومركز معلومات الآثار الإسلامية والقبطية بقطاع حفظ وتسجيل الآثار، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، وتعزز من نشر التراث الثقافي المصري وحمايته.
وتُعد “كراسات لجنة حفظ الآثار العربية” من أبرز الإصدارات العلمية التي توثق تاريخ أعمال الترميم والحماية للآثار الإسلامية والقبطية في مصر، حيث تضم تقارير تفصيلية، وصورًا فوتوغرافية، ورسومات هندسية، ومخططات معمارية فريدة، تسلط الضوء على تطور العمارة والزخرفة الإسلامية في البلاد عبر أكثر من قرن.
وفي إطار المشروع ذاته، يعمل المجلس الأعلى للآثار على رقمنة كافة إصداراته العلمية، بما يشمل الدوريات المتخصصة في الآثار المصرية القديمة والإسلامية والقبطية، وعلى رأسها “حوليات المجلس الأعلى للآثار” التي يعود تاريخ إصدارها إلى عام 1900، وبلغ عدد أعدادها 89 عددًا، تم الانتهاء من رقمنة 55 عددًا منها حتى الآن، ويجري العمل على استكمال البقية.
كما تم الانتهاء من المسح الضوئي الكامل لملحق الحوليات (الأعداد التكريمية)، ورقمنة جميع أعداد مجلة “دراسات آثارية إسلامية”، في حين تتواصل حاليًا أعمال رقمنة مجلتي “مشكاة” و”المتحف المصري”، بالإضافة إلى الإصدارات العلمية الأخرى للمجلس، بهدف إتاحتها بصيغ إلكترونية تفاعلية، مع طباعة نسخ محدودة منها للمكتبات المتخصصة.
ويشمل المشروع أيضًا رقمنة الكتب العلمية التي يصدرها المجلس الأعلى للآثار، لضمان نشرها على نطاق أوسع، وتوفيرها للباحثين داخل مصر وخارجها.
ويؤكد القائمون على المشروع أن هذه الجهود تمثل نقلة نوعية في مسيرة التوثيق العلمي للتراث المصري، وتدعم دور المجلس كمؤسسة علمية وطنية تعمل على صون ذاكرة البلاد الأثرية، وتوفير مصادر معرفية دقيقة ومتاحة للأجيال القادمة.