Times of Egypt

30 يونيو بين الأمس والحاضر

M.Adam

حسام بدراوي


أنا مؤمن بأن ما لا يوثَّق.. لا يوجد. وأحب – بين الحين والآخر – العودة إلى ما سجَّلته في
أوراقي، حول مواقفي في لحظات من التاريخ، حتى لا أنسى كيف كان عقلي يفكر.. في زمن
اللقطة التاريخية؛ لأنه بمرور الزمن وتوالي الأحداث، وظهور حقائق جديدة.. قد يتغير الرأي،
ولا ندري أنه تغير.. إلا بقراءة ما سجَّله الإنسان؛ بقلمه لنفسه.. وقت حدوث الحدث.
وجدت أيضاً أن الإنسان يتعود، ويتأقلم، ويجد نفسه أحياناً.. قد أصبح قابلاً لما كان متحمساً
لرفضه، وقد يذكر نفسه.. بوجوبية إعلان رأيه الحر، إذا تشابهت المواقف.. رغم تغيير المخرج
والسيناريو والممثلين.. احتراماً لمبادئه وقناعاته.
قبل فوز محمد مرسي – مرشح الإخوان في انتخابات رئاسة الجمهورية – بأيام، قضت المحكمة
الدستورية العليا بحل مجلس الشعب – ذي الأغلبية الدينية – بسبب بطلان مواد في القانون
الانتخابي، وقضت بعدم دستورية عدد من مواد قانون الانتخابات التشريعية.
وبعد فوزه بأيام قليلة – وتحديداً في 8 يوليو 2012 – أصدر أول قرار جمهوري له برقم 11 لسنة
2012، بعودة مجلس الشعب.. الذي انحل بحكم المحكمة الدستورية العليا؛ لممارسة اختصاصاته
وسحب قرار حله. وصفت القرار وقتها قائلاً: «إن إهدار حكم المحكمة الدستورية – الخاص بعدم
شرعية وجود مجلس الشعب – سيجعل كل قرار تال من المجلس.. غير شرعي، ويمثل عدم
احترام السلطة التنفيذية للسلطات الأخرى. وهو ما تسبب في إهدار الديمقراطية في مصر في
السابق، إننا نعود إلى توغل السلطة التنفيذية.. على السلطات الأخرى، الذي سيكون بذرة
الديكتاتورية في أي نظام سياسي. إنه إصرار ووعيد.. لكل القوى المدنية في مصر، أننا في
الطريق إلى عهد جديد من الديكتاتورية».
بعد هذا القرار، أصدر محمد مرسي إعلاناً دستورياً – في 22 نوفمبر 2012 – أبرز ما جاء فيه:
«الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية – منذ توليه السلطة
وحتى نفاذ الدستور، وانتخاب مجلس شعب جديد – تكون نهائية ونافذة بذاتها.. غير قابلة للطعن

عليها.. بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء،
وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها، والمنظورة أمام أية جهة قضائية».
أصدرت وقتها بياناً.. اعتبرت فيه الإعلان الدستوري – الذي أصدره مرسي منفرداً – «إعداماً
للديمقراطية، ومسلك ديكتاتوري.. غير مسبوق في تاريخ مصر»، وقلت: «الرئيس لا يجب أن
تأخذه نشوة السلطة، ولا ضيق أفق من يستشيرهم؛ فقد رأيت هذا المشهد من قبل، وخبرت
نتائجه. اللهم بلغت اللهم فاشهد».
وفي بيان آخر، أوضحت رفضي للإعلان الدستوري، وجاء فيه: «إن هناك قيوداً على السلطة
التنفيذية.. في مدة حبس المواطن للاشتباه، وتدخل القضاء في مدة محددة، وحق للمواطن في
المحاكمة العادلة، وكلها أمور تصبح في خبر كان.. بصدور هذا الإعلان الدستوري، الذي يعلن
حالة الطوارئ، دون الإعلان عنها أو ضماناتها». ثم أعلنت: «إن منع قضاة المحكمة
الدستورية.. من عقد جلستها، سيذكره التاريخ كوصمة عار.. ضد الحرية والديمقراطية، اللتين لا
وجود لهما.. بدون حصن العدالة والقانون؛ فالحرية لا يمكنها النمو والازدهار، بدون احترام
مؤسسة العدالة وتطبيق القانون، فحين تُسقِط السلطة الحاكمة مؤسسة القضاء، وتطعن في هيبتها،
وتطبق القانون انتقائياً.. على من تريدـ وقتما تريد، فلا حرية ولا كرامة ولا أمان».
وهذه هي بعض تغريداتي الموثقة في هذا الزمان، تسجيلاً لما كنت أعتقده وأراه في لحظة
حدوثه: يناير 2013
 «مصر لا تستحق بعد الثورة.. حكماً ديكتاتورياً جديداً، تحت مظلة الدين، ولا دستوراً
يفرق ويستثنى ويهدر الحقوق، ولا فوضى، وانهياراً لأركان الدولة». أبريل 2013
 «يأتي الاختلاف، عندما يفرض فريق على الآخرين رؤيته، ويلغي رؤيتهم كشركاء».
 «الديمقراطية ليست فقط صندوق الانتخاب، بل تشمل ما قبل ذلك.. من ضغوط على
المواطنين، للتأثير على توجهاتهم، وما يتلو ذلك من عدم احترام للقانون وتوازن
السلطات…» أول يونيو
 «مصر لا تستحق بعد الثورة حكماً ديكتاتورياً جديداً تحت مظلة الدين، ولا دستوراً يفرق
ويستثنى ويهدر الحقوق، ولا فوضى، وانهياراً لأركان الدولة». 13 يونيو
 «رسالة إلى من يهمه الأمر: من لا يتعلمون من دروس التاريخ، محكوم عليهم بإعادته».
 «الإصرار على عناد الشعب.. هو انتحار سياسي، رأيت مشهده من قبل». 16 يونيو

 «تغيير الواقع السياسي.. بدون مشروع بديل، وبدون تنظيم شعبي مؤثر، هو طريق: إما
للحكم العسكري مرة أخرى، أو لفوضى تؤدي إلى ديكتاتورية جديدة. الدرس واضح».
25 يونيو
 «السلطة التي لا تحترم معارضيها، تفقد كل شيء في النهاية..».
 «ما حدث في إيران وأفغانستان وباكستان والسودان.. واستمر سنوات، يجهضه الشعب
المصري العظيم في سنة واحدة، بعمق تاريخه وحضارته». 30 يونيو
 «ما يقوم به الشعب المصري في ميدان التحرير وميادين مصر اليوم.. غير مسبوق
لشعب عظيم، يكتب تاريخاً جديداً». 1 يوليو
 «لن يستطيع الإخوان الركوب على هذه الثورة، فهي ضدهم، وضد التطرف، وضد
الإقصاء…».
 «يكاد الدرس – الذي يعطيه الشعب المصري للجميع – أن ينتهي، وشكراً للإخوان على
توحيد الشعب سوياً، ومع الجيش والشرطة مرة أخرى…».
 «الديكتاتور هو الحاكم الذي يصدق أعوانه.. أنه حائز لثقة الأمة وتأييد الرأي العام، حتى
قبل سقوطه بدقائق…» 2 يوليو
 «خطاب مرسي غير معقول، يهدد ويتوعد، ويخير الناس بين بقاء الإخوان في الحكم، أو
سفك دمائهم. أعتقد أنه خطاب ينهي أسطورة الإخوان إلى الأبد».
 «كطبيب، أرى أن الإخوان تحولوا – بخطاب الرئيس غير المسبوق، بإعلانه سفك الدماء
لمن يعارضهم – من مرض مزمن ممكن علاجه والتعامل معه، إلى ورم خبيث يجب
استئصاله».
 «سألوني من حرك الجماهير، فقلت: إرادة شعب يملك جينات الحضارة، بضمير جمعي
يلفظ التعصب وعدم الكفاءة، وإعلام حر يستحق الاحترام».
 «الشعب المصري متعدد الهوية، لكنه متحد في عشق الوطن، متدين بطبعه؛ إسلاماً
ومسيحية، لكنه منفتح الفكر على العالم، لا يمكن أن يستوعبه محتل».
 «ما يقوم به الشعب المصري.. موجه إلى الإخوان، رفضاً لعدم الكفاءة والإقصاء
والكذب والتهديد والوعيد وضيق الأفق، والإساءة للإسلام بما يقولون ويفعلون». 3 يوليو
 «مبروك رفع الغمة وإزالة اللعنة، وعودة مصر المشرقة الواعدة.. السعيدة بعظمة
شعبها، بإذن الله».

 «هذه ثورة شعب ودولة، فجميع مؤسسات الدولة الرسمية.. ساندت الإرادة الشعبية غير
المسبوقة في التاريخ». «إنني في صباح يوم مشرق على مصر – بعد إزاحة الغمة
وزوال اللعنة – أشعر بالسعادة، التي أتمنى أن تغمر الجميع، وأتنفس حرية.. من احتلال
الفكر والوجدان».
أكتب هذا بعد أكثر من عشر سنوات من 30 يونيو 2013، وأذكِّر نفسي بما وقر في وجداني،
وبأحداث تلك اللحظة، وبمقولة ألبرت أينشتاين الشهيرة: «إننا إذا كررنا فعل نفس الشيء.. بنفس
الطريقة، فيصبح من الغباء انتظار نتائج مختلفة».
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة