تواصل أسعار الذهب تراجعها لليوم الثاني على التوالي في المعاملات الفورية، بعدما استهل المعدن الأصفر تعاملات الأسبوع بخسائر حادة، في أعقاب بلوغه مستويات قياسية غير مسبوقة الأسبوع الماضي.
وفي تعاملات اليوم الاثنين، هوى الذهب بأكثر من أربعين دولاراً، مع انحسار شهية المستثمرين للأصول الآمنة إثر تراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأدى هذا الانفراج النسبي إلى تقليص الإقبال على الذهب باعتباره ملاذاً آمناً، في وقت فضل فيه المستثمرون التوجه نحو أصول أخرى أكثر مخاطرة.
ورغم التراجعات الحادة في السوق الفورية، نجحت أسعار الذهب في العقود الآجلة الأميركية، تسليم شهر يونيو، في تسجيل بعض المكاسب الطفيفة، مما يعكس استمرار الرهان لدى بعض المستثمرين على عودة المعدن النفيس إلى الصعود خلال الفترة المقبلة. فقد ارتفعت العقود الآجلة بنحو 0.2%، أو ما يعادل سبعة دولارات للأونصة، لتصل إلى مستوى 3305 دولارات، بعد أن كانت قد سجلت انخفاضاً طفيفاً في وقت سابق من الجلسة بنسبة 0.4%.
أما في السوق الفورية، فتراجع الذهب بنسبة 0.8% بحلول الساعة 4:30 صباحاً بتوقيت غرينتش، ليصل إلى مستوى 3272.89 دولاراً للأونصة، بعدما لامس انخفاضاً أوسع بنسبة 1.4%، بما يزيد على خمسين دولاراً للأونصة مقارنة بالجلسة السابقة.
وكانت أسعار الذهب قد أنهت تعاملات الجمعة الماضية على خسارة بأكثر من خمسين دولاراً، متأثرة بارتفاع مؤشر الدولار الأميركي أمام سلة من العملات الرئيسية، وهو ما دفع المعدن الثمين لتسجيل خسارة أسبوعية بنحو 30 دولاراً أو ما يعادل 0.9%.
اللافت أن هذه التراجعات تأتي عقب أيام قليلة من تسجيل الذهب لمستويات تاريخية غير مسبوقة، إذ بلغ السعر ذروته يوم الثلاثاء الماضي عند 3500.2 دولار للأونصة في المعاملات الفورية، و3509.5 دولاراً للأونصة في العقود الآجلة، وسط موجة شراء قوية دفعت المعدن لتحقيق مكاسب تخطت 700 دولار منذ بداية العام، وزادت نسبتها إلى نحو 33% منتصف الأسبوع الماضي قبل أن تتقلص إلى 25% لاحقاً.
لكن مع تحسن نسبي في معنويات المخاطرة عالمياً، شهد الذهب تراجعاً حاداً بأكثر من 200 دولار للأونصة، نزولاً من قمته القياسية، مدفوعاً أيضاً بارتفاع الدولار واستقرار عوائد السندات الأميركية، خاصة بعد تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لا يعتزم إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ما عزز الثقة بأسواق المال وحد من الإقبال على الذهب.
على صعيد التطورات الجيوسياسية، ساهمت تصريحات البيت الأبيض الداعية إلى تهدئة الحرب التجارية مع الصين في تعزيز التفاؤل بالأسواق، ما زاد من ضغوط البيع على الذهب. وأكد ترامب في تصريحات حديثة أن المحادثات مع الصين حول الرسوم الجمركية مستمرة، بينما أشارت تقارير صحفية إلى أن بكين تدرس إعفاء بعض الواردات الأميركية من الرسوم البالغة 125%، في خطوة قد تفتح الباب لمزيد من الانفراجات الاقتصادية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
وبينما يترقب المستثمرون تطورات المشهد التجاري والسياسي، تبقى تحركات الذهب مرهونة بمزيج معقد من العوامل، وسط توقعات بأن تظل الأسواق شديدة الحساسية لأي إشارات قد تدفع نحو تغيير اتجاهات الطلب على الأصول الآمنة في المرحلة المقبلة.