Times of Egypt

الهدف… النظام وليس النووي!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

يعود سانتياجو نصار إلى بيته.. في الساعات الأولى من الصباح بعد حضوره حفل زفاف، شهد اتهامه بانه افقد العروس شرفها. يصر شقيقا العروس على قتله. خطيبة سانتياجو تعلم بنيتهما. القرية بأكملها وصلها خبر اعتزام قتله. لم يبادر أحد بايقاف الجريمة.. ظنّا منهم أن الشقيقين يمزحان، وأن سانتياجو لا يمكن أن يقترب منه أحد. 

تقع الجريمة على مرأى ومسمع من أهالي القرية. هكذا أبدع الكاتب الكولومبي العالمي جابرييل جارسيا ماركيز في العمل الروائي: «وقائع موت مُعلن». 

ما حدث مع إيران فجر أمس.. صورة كربونية لقصة ماركيز. كانت مخابرات العالم تعرف أن إسرائيل سترتكب الجريمة، ولم يتحرك احد. إيران نفسها تدرك، ومع ذلك لم تستعد.

خلال الايام الماضية، سربت إسرائيل – وكذلك الإدارة الأمريكية – معلومات كثيرة عن ضربة إسرائيلية وشيكة. ترامب قال إنه لا يؤيد الضربة، لكنه لم يعلن أنه يسعى لمنعها. كانت المعلومات دقيقة.. تشبه ما سربته أمريكا قبل الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن – في المقابل – كان هناك نوع من «الخداع الاستراتيجي»؛ بدأ بالتاكيد ان المفاوضات الامريكية-الايرانية ستُستأنف غداً، وإعلان أن نجل نتنياهو الاصغر.. سيحتفل بزواجه «بعد غد»!! (ليس من المعقول عقد القران وسط حرب). 

استهانت إيران بالتقارير الجدية، وتشبثت بالامانيَّ؛ معتقدة أن شيئا لن يحدث. إسرائيل هددت مراراً، ولم تنفذ.

أصدرت القيادة الإيرانية البيانات المعتادة.. بأن عواقب أي هجوم عليها ستكون وخيمة، بل مزلزلة. لكنها لم تفعل شيئا آخر تقريبا. 

الدليل أن الغارات الجوية والصاروخية الإسرائيلية.. لم تواجه مقاومة تذكر؛ الدفاعات الجوية لم تعترضها، لم تكن هناك إجراءات استثنائية لحماية القادة العسكريين الكبار، والعلماء النوويين البارزين الذين قتلوا. 

الاغتيالات – التي حدثت – كانت اشبه بألعاب ذكاء اصطناعي. 

بدت إيران مكشوفة تماماً. لم تدرك أنه.. بعد القضاء على الخط الأمامي الذي يدافع عنها – وهو حزب الله وحركات المقاومة الاخرى – فإن سياسة الصبر الاستراتيجي، أو تجنب الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل.. أصبحت من الماضي. كل الدلائل كانت تشير إلى ذلك، لكن لم يحدث تغيير أو استعداد.

لم توجه إسرائيل ضربات موجعة إلى إيران.. بل شنت حرباً شاملةً، هدفها – على الارجح – ليس إزالة المنشآت النووية، والقضاء على الصف الأول العسكري والبحثي النووي فقط، بل إسقاط النظام الإيراني ذاته. 

منذ 2010، أعلنت اسرائيل أنها لن تسمح بسلاح نووي إيراني. ضغطت مراراً على الإدارة الأمريكية.. للسماح لها بضرب إيران، لكنها فشلت. 

مع ترامب، الذي يقول إنه جاء لإنهاء الحروب، حصلت.. ليست فقط على الموافقة، بل أيضا تعهد بالدفاع عنها.. في مواجهة أي رد إيراني.. خارج المتوقع. كانت المفاوضات الأمريكية-الإيرانية عملية «إلهاء» لطهران، التي اعتقدت انه لن يكون هناك هجوم، طالما توجد مفاوضات.

بغض النظر عن الرد الإيراني ومداه، أصبحنا أمام مباراة صفرية؛ إما اسرائيل.. أو ايران؟.. بل إما إسرائيل.. أو بقية المنطقة؟ 

لم تعد هناك خطوط حمراء. كل شيء مباح أمام اسرائيل في زمن ترامب. لا أحد في المنطقة بمنأى عن هذا التحول الخطير. 

حديث تغيير الخرائط والمصائر.. أصبح واقعاً فعلياً.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة