Times of Egypt

ثقافة الاعتذار!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام 

في 20 مايو الماضي، قدم رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا.. اعتذاراً عن تصريحات لوزير الزراعة، قال فيها: إنه لا يشتري الأرز بنفسه مطلقاً، وإن أنصاره يقدمون له كميات كبيرة منه. 

جاءت تصريحات الوزير، في ظل معاناة اليابانيين من ارتفاع أسعار الأرز، والنقص الحاد في الأسواق. رئيس الوزراء قال: إنه يشعر بمسؤولية كبيرة.. باعتباره الشخص الذي عين الوزير. لكنه قال: إنه سيبقي عليه في الحكومة. وأضاف: «دور الوزير الاعتذار بصدق، وتحقيق نتائج ملموسة في مسألة مواجهة أسعار الأرز المرتفعة». 

قد لا يكون خطأ الوزير كبيراً، لكن غضب الناس استدعى اعتذاره، وكذلك رئيس الوزراء. 

ثقافة الاعتذار «اليابانية»، لا تعني بالضرورة نسيان الخطأ، لكنها تسهم في تهدئة النفوس، واستعادة الثقة بين المواطنين العاديين والمؤسسات. منطق الاعتذار يكمن في إظهار الإخلاص في تحمل العواقب، بدلاً من تبرير الأفعال أو إنكارها. 

يحتل الاعتذار مكانة بارزة في عالم السياسة والأعمال، والشركات في اليابان وكوريا الجنوبية. غالباً ما يقدم المسؤولون اعتذارات علنية.. عن وقوع إخفاقات أو فضائح. وقد يتبعها أو لا يتبعها استقالة. 

الاعتذار هنا لا يِعتبر ضعفاً، بل شجاعة ونزاهة. 

عقب الحادث الأليم – الذي وقع على الطريق الإقليمي، بنطاق مركز أشمون بالمنوفية، وأودى بحياة 18 فتاة وسائق السيارة – خرجت مشاطرات كثيرة وتعازٍ.. من مسؤولين بالمحافظة، ومن وزراء النقل. لكن لم يكن هناك اعتذار. 

نعم، الحادث المأساوي لم يتم التحقيق فيه، ومعرفة المسؤول عنه.. بالضبط. لكن بغض النظر عن ذلك، هناك مسؤولية سياسية.. يجب أن يتحملها المسؤولون في المحافظة، والحكومة، ونواب البرلمان. 

الاعتذار لا يعني تعليق المسؤولية برقابهم. إنه مشاركة للمكلومين، وإشعارهم بأن هناك خطأ تم ارتكابه، وسوف يتم التعامل معه. 

الاعتذار ليس مجرد كلمات.. تقال عند وقوع مثل هذه الكوارث، بل حالة نفسية شعورية، تبين لأسر الشهيدات.. أن حق بناتهم لن يضيع، وأن المسؤولين يشاركونهم حزنهم وألمهم.

 للأسف، بدلاً من أن تكون هناك رسالة واضحة – من المسؤولين للأسر المنكوبة – عنوانها الاعتذار عما حدث، تبارى كثيرون في توزيع التهم.. على سائق الشاحنة، أو تكدس السيارة التي تم دهسها.. بأعداد كبيرة من البنات، أو القول إن الحوادث تقع في كل أنحاء العالم، ولا يمكن القضاء عليها. 

نعلم جميعاً، أن إصلاح الطريق سيأخذ وقتاً. لكن تهدئة النفوس، والربط على قلوب الأهالي.. كان يمكن أن يكون أسرع. 

لم يكن الأمر ينتظر يوماً أو يومين.. حتى يصدر تصريح يشاطرهم العزاء. لم يكن وقت السيد المحافظ سيضيع هدراً، لو ذهب إلى عزاء كل شهيدة في القرية، بدلاً من طلبه أن يكون هناك عزاء واحداً. إنها عادات القرى عندنا. كل أسرة تريد أن تأخذ عزاء ابنتها أمام بيتها. 

غاب المسؤول «السياسي» عن المشهد الحزين. تأخر في تقديم العزاء ولو بالكلام. 

كان هناك تقتير في الكلمات، وكأن ذلك سيقلل من قيمة المسؤول. وغياب للاحتضان الرمزي – بل والفعلي – للأهالي. 

للأسف، ليس هذا أول – ولا آخر – حادث طريق، لكن كان من الممكن تخفيف الألم واللوعة والانهيار النفسي.. بتصرفات وكلمات تقول لأسر الضحايا: «نحن معكم».

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة