عمرو الشوبكي
منذ أن وصل الرئيس الأمريكي إلى سدة الرئاسة.. في بدايات هذا العام، وهو يعلن وعوداً قاطعة، ومواعيد.. عن نهاية حروب. يتراجع في كثير منها، ويفشل في تحقيق معظمها، ويتنقل كل شهر.. من الإطراء والإشادة بزعماء ودول، إلى التهكم والهجوم عليهم.
والحقيقة، أن ترامب دخل في معارك تجارية مع الصين وأوروبا، وتقريباً كل دول العالم، ثم تراجع عن معظمها.. ولو بتقليل نسبة الرسوم. ولم يعبأ بضرب قواعد التجارة الحرة، فقد فرض رسوماً جمركية شاملة بنسبة 20%.. على جميع الصادرات الأوروبية تقريباً، بالإضافة إلى رسوم منفصلة بنسبة 25%.. على السيارات وبعض قطع غيارها، وقد ردت كثير من الشركات الأوروبية والصينية على ذلك.. بتبنِّي علاقات تجارية مع دول أخرى، بعيداً عن الولايات المتحدة. كما وضع الاتحاد الأوروبي برامج عمل.. لدعم التصنيع الداخلي، يعتمد على الموارد المحلية، وزيادة قدرتها التنافسية.
تراجع ترامب عن نسب الرسوم الجمركية، وألغاها.. في بعض الحالات، بعد أن تعرضت الولايات المتحدة – والشركات الأمريكية – لخسائر كبيرة، ومع ذلك ظل يقول.. إن رسومه الجمركية ستنعش الاقتصاد الأمريكي، وتحل جميع مشاكله.
أما وعد ترامب بإيقاف حرب أوكرانيا، فقد أطلقه عقب وصوله إلى البيت الأبيض، وبدأ مفاوضات مباشرة مع روسيا.. حول الصراع في أوكرانيا؛ متجاهلاً المواقف الأوروبية، وأشاد بخصال الرئيس الروسي بوتين، وهاجم من يفترض أنه حليف أمريكا والغرب – أي الرئيس الأوكراني – وأساء معاملته أثناء استقباله في البيت الأبيض، ثم عاد ترامب مؤخراً، وانتقد تعنت بوتين، واعتبره مسؤولاً عن استمرار الحرب. وأعاد جزئياً.. إرسال شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.
أما في حالة حرب غزة، فقد مر على الأسبوع – الذي قال ترامب إنه سينهي فيه الحرب – أسابيع، وما زالت إسرائيل ترتكب جرائم الإبادة الجماعية؛ فتتسبب في قتل نحو 100 طفل في عدة أيام.. بسبب التجويع، وتقتل نحو 70 فلسطينياً من منتظري المساعدات.. دون أي حساب.
وعود ترامب؛ هي خليط من الأمنيات، والثقة الزائدة في النفس، والنرجسية الشديدة. فهو يعتبر نفسه قادراً على حل كل المشاكل، وأن كل زعماء دول العالم يحبونه، ويستخدم تعبير الحب والكُره.. بصورة لم يستخدمها رئيس أمريكي من قبل، ويردد دائماً: «هذا الرئيس يحبني»، و«هذا الرئيس يحترمني»، ويشخصن مواقفه السياسية.. بصورة غير مسبوقة. كما أنه يمارس تنمراً على الدول الأضعف، ويعتبر أن الربح.. أهم من أي تحالف استراتيجي.
وعود ترامب.. هي انعكاس لنواياه، وتركيبته الشخصية، وليست مبنية على تقديرات موقف دقيقة؛ سواء فيما يتعلق بحرب روسيا وأوكرانيا، أو فيما يخص حرب غزة، أو قراراته الاقتصادية.
صحيح أن أمريكا قوة عظمى، ولديها مراكز أبحاث وأجهزة استخبارات.. ما زالت تعمل بشكل مهني، وترسل تقاريرها للرئاسة والسلطة التنفيذية. إلا أن ترامب لا يعتمد عليها، ويبني وعوده على أمنيات شخصية.. بعيدة عن الواقع.
نقلاً عن «المصري اليوم»